السواحل الخلابة لجزر القمر ليست مجرد مناظر خلابة فحسب، بل هي شريان الحياة في البلاد. فمع وجود منطقة اقتصادية خالصة (EEZ) أكبر 85 مرة من مساحة اليابسة، فإن المحيط هو محور هوية البلد. ويعيش حوالي 411 تيرابايت 3 تيرابايت من سكان البلد حول الساحل أو على طوله، ويعتمد حوالي 140,000 شخص، أو حوالي 161 تيرابايت 3 تيرابايت من السكان، على صيد الأسماك لكسب عيشهم، ويساهمون ب 101 تيرابايت 3 تيرابايت في الناتج المحلي الإجمالي الوطني. ومع ذلك، تواجه هذه المناطق الساحلية الحيوية تهديدات متزايدة من التحديات البيئية مثل التآكل الساحلي والفيضانات والجفاف وارتفاع منسوب مياه البحر.
وتلتزم حكومة جزر القمر بالعمل على الاستجابة لهذه القضايا من خلال تحسين إدارة المياه والبنية التحتية.
في الآونة الأخيرة المركز الإقليمي لرسم خرائط الموارد من أجل التنمية (RCMRD) وبدعم من Digital Earth Africa، قادت بعثة لجمع البيانات والتحقق من صحة البيانات لرصد مدى تآكل السواحل وآثاره.
العمل بالتشاور مع وحدة رسم الخرائط في جزر القمر و المكتب الجيولوجي لجزر القمراستندت البعثة إلى فريق متعدد التخصصات من الخبراء بهدف توضيح كيف يمكن للتكنولوجيا الجغرافية المكانية المتطورة أن تدعم الإدارة القائمة على البيانات لشواطئ جزر القمر المعرضة للخطر.
معالجة القلق المتزايد
يمثل التآكل الساحلي تحديًا بيئيًا ملحًا، حيث يساهم ارتفاع منسوب مياه البحر والنشاط البشري في تسارع وتيرته. وهدفت البعثة إلى التحقق من صحة الوحدات التي تم تطويرها مؤخرًا لرسم خرائط التآكل الساحلي مع تعزيز التعاون بين أصحاب المصلحة على أرض الواقع.
وقد تم اختيار جزر القمر لهذه المبادرة بناءً على تقييم شامل للاحتياجات واهتمام البلد بمراقبة التآكل الساحلي. وقد أبدت وزارة الحدود الإقليمية والتخطيط العمراني في جزر القمر اهتماماً كبيراً بهذه المسألة، لا سيما وأن التآكل الساحلي لا يزال يقوض البنية التحتية المحلية.
نهج تعاوني لجمع البيانات
في الفترة من 25 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 3 ديسمبر/كانون الأول 2024، شرع فريق متخصص يضم خبراء في نظم المعلومات الجغرافية ومحللي البيانات ورسامي الخرائط المحليين في مهمة لجمع البيانات الأساسية المهمة. عمل الفريق بشكل وثيق مع وحدة رسم الخرائط في جزر القمر والمكتب الجيولوجي لجزر القمر، لضمان المشاركة المحلية وتبادل المعرفة.
وبالاستفادة من منصة DE Africa Sandbox، وهي منصة قائمة على السحابة، وضع الخبراء مسودة خرائط لرصد التآكل الساحلي. واستخدم الفريق الميداني أداة Kobo Toolbox، وهي أداة متنقلة لالتقاط البيانات، لتوثيق المعلومات الأساسية، بما في ذلك إحداثيات النظام العالمي لتحديد المواقع ومعدلات التآكل والأسباب المحتملة للتغيرات الساحلية.
وتشمل النتائج الرئيسية التي توصلت إليها البعثة تحديد 89 نقطة ساحلية ساخنة للتآكل الساحلي، منها 60 نقطة في غراند كومور و19 نقطة في موهيلي. البؤر الساحلية الساخنة هي المناطق التي تلتقي فيها عدة مشاكل ساحلية، وغالباً ما يكون ذلك بسبب مزيج من المخاطر الطبيعية والضعف البشري، مما يخلق مناطق خطر. وقد تبيّن أن هذه البؤر الساخنة لها عواقب اجتماعية واقتصادية مباشرة على المجتمعات المحلية، مما يؤثر على المدارس والشركات والطرق والأراضي الزراعية.
ويؤكد الحجم الهائل للبؤر الساخنة على الحاجة الملحة للتدخل في المناطق الأكثر تضررًا.
التحديات والفرص
لم تكن البعثة خالية من التحديات. فقد شكلت التضاريس الوعرة ومحدودية إمكانية الوصول إلى بعض المواقع الساحلية، إلى جانب الحواجز اللغوية والحرارة الشديدة، عقبات أمام جمع البيانات الميدانية. ومع ذلك، تسلط هذه العقبات الضوء على فرص تعزيز المشاركة والتعاون المحليين.
وبالإضافة إلى ذلك، يمثل التعاون مع مؤسسات مثل حديقة موهيلي الوطنية والمكتب الجيولوجي لجزر القمر سبيلاً واعداً لجهود الحفاظ على السواحل على المدى الطويل. تشدد التوصيات الصادرة عن البعثة الميدانية على أهمية بناء القدرات، وإشراك السياسات، ودمج البيانات الجغرافية المكانية في الاستراتيجيات البيئية الوطنية. وسيكون اتباع نهج تدريبي شامل يشمل المزارعين والصيادين ومديري البنية التحتية وغيرهم من أصحاب المصلحة أمراً أساسياً في مواجهة هذه التحديات.
استشراف المستقبل دعوة إلى العمل
ويمثل الانتهاء الناجح لهذه المهمة بداية فصل جديد في مجال الصمود الساحلي لجزر القمر. ومع توفر الرؤى المستندة إلى البيانات، يمكن لصانعي القرار تنفيذ تدخلات مستهدفة، مثل دمج رصد التآكل في أطر التخطيط الوطني وفرض ضوابط أكثر صرامة على حصاد الرمال. وقد أدى حصاد الرمال في جزر القمر، بسبب ازدياد عمليات التعدين الحرفي والصغير النطاق، إلى تآكل السواحل وتدهورها.
ولتعزيز الجهود المستقبلية، سيكون من الضروري متابعة التعاون مع الشركاء والمؤسسات المحلية، لا سيما لتعزيز مبادرات التدريب وبناء القدرات. بالإضافة إلى ذلك، فإن دمج الإحصاءات الرئيسية حول الاعتماد الاقتصادي على صيد الأسماك وتربية الماشية ونسبة الأراضي القاحلة في المنطقة سيزيد من التأكيد على الحاجة الملحة لمعالجة التآكل الساحلي.
وتظل Digital Earth Africa والمركز الإقليمي لرصد الأرض في أفريقيا ملتزمان بالعمل مع مؤسسات جزر القمر لضمان استدامة هذه المبادرة. ومن خلال الاستفادة من بيانات رصد الأرض، يمكن للأمة حماية تراثها الساحلي وحماية المجتمعات الضعيفة وبناء القدرة على الصمود أمام قوى الطبيعة.